]color=blue]بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد :من حكمة الله سبحانه وتعالى في خلق الإنسان ، أنه جعل هذا الإنسان يحمل ألوانا متعددة وأحجاما مختلفة وأطوالا متفاوتة ، كما أن القدرات العقلية تختلف من شخص لآخر ، وهنا نعرف ما يسمى بالفروق الفردية فالناس ليسوا على مستوى واحد من الذكاء والقدرات العقلية ، ونحن المعلمون قد لمسنا هذا منذ أن كنا طلابا وصغارا في السن 00 ونجد أن هناك أشخاص أذكياء جدا وهناك أشخاص متوسطي الذكاء وهناك أشخاص أقل من المتوسط كما أن هناك أشخاص عباقرة وموهوبون 0 ونجد كذلك أن الاستعداد الواحد ليس بقوة واحدة عند الأفراد الذين لهم هذا الاستعداد ، فإذا بلغ الاستعداد حد القوة الممكنة وجد الفرص الملائمة للظهور والنضج عد صاحبه من الموهوبين أو عبقريا 0 وليس العبقري بطبيعة الحال عبقريا في كل شيء ، بل ومن العباقرة والموهوبين من يصل إلى حد العجز في نواحي القدرات التي لا تمت إلى قدرته بنسب ، فقد يكون الشخص في الرياضيات جبارا وهو في قدرته على تعلم اللغات دون المتوسط 0 فالموهوب خارج قدرته شخص عادي في كثير من الأحيان ، وكأنما نمو القدرة التي تميز بها وفيها على حساب القدرات الأخرى 0ولقد اهتم الناس منذ أقدم الأزمنة بالأذكياء والموهوبين ، باعتبار أنهم سيكونون قادة المستقبل في مختلف ميادين المعارف الإنسانية 00 وجرت دراسات علمية وموضوعية للأطفال الموهوبين ، وكانت هذه الدراسات للأطفال الموهوبين في الغالب تدور حول طفولة رجال عباقرة غيروا وجه التاريخ والحضارة الإنسانية ، وكانت تلك الدراسات عبارة عن استعراض مراحل الطفولة الماضية لهؤلاء العباقرة ، وذلك استنادا إلى روايات المعجبين وما يتذكره الرفقاء ، أو تستند على سير أولئك العباقرة التي كتبوها بأنفسهم أو كتبها أصدقاؤهم ، ولم تكن تلك الدراسات علمية موضوعية 0 ولهذا لم نجد فيما كتب وصنف في هذا الموضوع قبل القرن العشرين إلا القليل وحتى هذا القليل لا يعتبر دراسة منهجية وكل ما نشر هنا وهناك لم يكن ليفي بالمراد 00 والواقع أن سر العزوف عن الخوض في هذا الموضوع كان يستند إلى نظرة المجتمعات المختلفة إلى الأطفال الموهوبين وإلى الظروف التي تحيط بالكشف عنهم ، ومضى على الناس حين من الدهر ، وهم ينظرون إلى الطفل الموهوب الذي تظهر عليه علامات ومخايل النجابة والنبوغ مبكرا ، نظرة ملؤها الشك والخوف والحذر وكان شعارهم أن الفاكهة الباكورة يسرع إليها الفساد والعطب قبل غيرها ، وانتشرت في الغرب الخرافة القائلة أن إطالة الطفولة خير من الفطنة المبكرة 0 وأردف قائلون أن كثيرا من العبقريات الفذة كانت متبلدة في فترة الطفولة وقد أصبحت هذه النظرة الغربية أقل شيوعا فيما بعد 00 (ويقول الدكتور عبد الله النافع :أنه عندما ذهب للدراسة العليا في أمريكا في منتصف الستينات كانت هناك ثورة تعليمية لأن الروس سبقوا الأمريكان في إطلاق أول قمر صناعي ، وعزا الأمريكان ذلك إلى أنهم لا يهتمون بالمتفوقين والموهوبين منذ الصغر وخصوصا في مجالي العلوم والرياضيات ، ولذلك أعدت برامج متخصصة للموهوبين والمتفوقين في ثلاثة آلاف مدرسة وعدد من الجامعات ، وخصصت مئات الملايين من الدولارات لهذا الغرض (1 ) 0 وكونت جمعيات للأطفال والتلاميذ الصغار باسم علماء المستقبل وعلماء الرياضيات الصغار واستحدثت جائزة باسم رئيس الولايات المتحدة باسم P residents Youg Scholars لطلاب المرحلة الثانوية وبدىء في إنشاء مراكز ومدارس خاصة بالموهوبين مجلة المعرفة العدد ( 61 ) 1421ه ) 0 ولم يكن العرب أقل من غيرهم اهتماما بمن تظهر عليهم علامات النجابة والنبوغ من الأطفال بغض النظر عن أصولهم وبيئاتهم الاجتماعية فأفردت كتب الأدب القديمة فصولا عن النجباء ، وما روي عنهم في صغرهم وطفولتهم من قصص نادرة ، وأعمال باهرة 0 وقد عرف أحد قادة العرب الطفل الذكي الذي يؤهل للقيادة والأعمال الجليلة : أنه القوي جسما ، والرضي خلقا ، والمتوقد ذكاء ، والذي يبدي رأيا حصيفا قبل الأوان 0 [/color]